الخميس، 10 يونيو 2021

مقدمة منهجية :

 بإسم الله العليم الخبير 

كنت كلما حاورت صديقي العصامي عبد الرزاق ، الشغوف بقراءة كلما إستجد من معارف ، وذو العقل المركب والنقدي الحاد ، والذي لا يمكن أن يؤطره مفكر أو فيلسوف ، ولا أي فقيه / عالم أو شيخ ، ومهما بلغت عبقريتهم ، بل ولا يمكن أن تسيجه مدرسة ، أو يتلمذه تيار ...

كنت كلما حاورت - حضرته الكريمة - جادلني في مدى أدبية وجمالية ومنهجية كتاباتي وهو يقارنني بالعديد من المفكرين والعلماء ، لأشير له مرارا بأن كل كتاباتي كلها ليست نقلية ، وبأنني لا أعتمد أبدا مقولة : 

(نقلنا من هنا وهنا وقلنا هذا كتابنا ) ، وبأنها كلها ولله الحمد عن فيض عرفاني :

فأنا أحيا القضايا والإشكاليات فكرا وقلبا ، بل وأرميها لا شعوريا في عقلي الباطن ، لأجد نفسي فجأة وأنا أنظم قصيدة ، أو أضع  فهرس كتاب جديد بكل أفكاره العامة ، لأترك الروح بعدها تنظم أو تنثر ما تشاء ، قبل أن أهتم بالشكل والأسلوب والجمالية ، والإستئناس العابر ببعض المراجع ..

 وبعقلية الباحث عن الحقيقة ، والموقن بالحق ، والمتدافع مع كل البواطل المعرفية ، لا قلم الأديب الشاعر ، أو فلسفة اللساني المتلاعب بالكلمات والجمل ، أو الكاتب المحترف الضارب لمال ومتعة القراء ألف حساب ..

ولهذا أسعد بالعديد من كتاباتي البعيدة عن أي تملق أو نفاق أو إرتزاق ، كما أشكر وكثيرا صديقي العزيز عبد الرزاق ، الذي كان جداله هذا محرك فكر ، ونقدا بناء جعلني أتذكر أغلى حكمة فلسفية نصحنا بها أستاذ الإيبيستيمولوجيا وقد أثقلتنا معلومات المدارس الفلسفية الغزيرة :

( لا تهتموا بمعلومات أي فيلسوف ، بل إفقهوا منهجيته ومفاتيح مدرسته ، تجدوا أنفسكم قادرين على فهمه ، بل وعلى نقده وتجاوزه ) .

ولهذا كان صديقي الكريم يتضايق - في البداية - من طريقة قراءتي ونقدي لبعض الكتب التي كان يمدني بها للإستئناس ، ومن كثافة كل كتاباتي ..

لكني أصبحت اليوم أتبنى هاته الكثافة في التأليف بل وأدعو لها كمنهجية بديلة ، لأنها - والله أعلم - هي الوحيدة التي تملك مفتاح خلاصنا من كل عورات الثرثرات الكتابية ، وعلاج شتاتنا الفكري ونحن نئن - ولو دون شعور - من ركام المعلومات الزائدة ، ومن مؤامرات التلاعب بالعقول والقلوب والأرواح - الصهيوماسونية - الماكرة ، وهي تغرقنا في المعلومات الزائدة ، لتقودنا نحو تحريف العلوم الحقة والكفر بالقيم ومسخ الإنسانية .

ولهذا كنت أنادي - ومنذ البداية - بجهادنا العلمي كمسلمين ، وبضرورة الكتابة الواجبة والضرورية فقط ، والتي لها أفكار وعلوم وأعمال جديدة ، لا الكتابات المتراكمة بالكتابة من أجل الكتابة لا غير ، والمتراكمة وكأنها شتات مزابل ..

ولهذا كان من آخر شعاراتي وأخي عبد الرزاق : ( لا للإسلام اللغوي ) ..

وتماما كما إختصاص مدرستي العرفانية للسلام الإسلامي في الفقه الحركي ،  وإختصاص معهدي القرآني للتصوف السني  في فقه العمل الصوفي ..

 وعكس تربية بعض الشيوخ الشاذة على المواجيد دون عمل ، وعكس ثرثرات جل الحركيين والسياسيين البعيدة عن الصدق في التفعيل ، وعن علمية التنزيل  ..

فقد مضى زمن البيان الفقهي والبلاغات الكلامية ، وذلك لأن قوة الماضي في بيانه وفي عرفانياته ، وفقهاء الماضي قد بينوا معظم ما يجب أن يعلم بيانا ولغة .. 

كما أن قوة الحاضر والمستقبل في البرهانيات ..

 البيان والبرهان والعرفان التي طالما إستعملتها حكومات العالم الخفية سرا وجهارا ..

بل ولا زالت تتلاعب بمعارفها لتحريفها أكثر ، ولتدجيل عقولنا ..

لكنها كانت في الماضي خادمة لليهودية الإبليسية ، بينما اليوم فكل علومها وحقائقها ومبادئها وقيمها صارت لها عدوة ، ولا تخدم المطامع الصهيوماسونية البعيدة .. ولا حتى القريبة :

ولهذا يدعو اليوم كل الإعلام الماسوني العالمي للاأخلاق وللاقيم وللاعلمية ، ولمسخ عقل الإنسان وقلبه وروحه وكل مبادئه نحو بهيمية ومسخ الإنسانية جمعاء :

والباب الأكبر لكل هذا شتات العقول كما حالنا . وترجيل المرأة وتقزيم الرجل ، وتمريد الطفولة والشباب ، والإنحلال التدريجي ، والتمزق الأسري والمجتمعي  ، والكفر التدريجي بالقيم  ، والهلع المادي كما حالنا ، والتدين السطحي كما حالنا وللأسف ..

وكذا تمكن المنظمات الصهيونية فينا وطنيا وعالميا ، نحو تفقير المسلمين وتجهيلهم وتمزيقهم ، ونحو إستعمارهم الشامل من جديد كما حالنا اليوم وللأسف ...

ثم نحو إستسلامنا الكامل بإسم سلام البواطل ..... 

وطوعا وكرها ..

وخصوصا بعد هزيمة الإسلام السياسي كأمل كبير ، وكحق منقد ، كان أول من حطمه وللأسف - وبمخططات غربية يهودية  - الإسلامويون والتسلفون .. 

وقبل علمانيينا ، وكل منظماتهم وجمعياتهم وأحزابهم المسلوبة ...

......................................................................

فمن هذا الركام من الكوارث والقضايا والإشكالات والمشاكل إنبثقت فكرة جهادنا العلمي / العرفاني ..

 ولأنادي اليوم بضرورة إنقاد الزوايا الصوفية أولا من مكائد الإبراهيمية الجديدة ، تماما كما أنادي - بتطبيب كل فكرنا الإسلامي المستقبلي - عبر منهجيتي الكثيفة ، والتي :

1 - توجز الإشكاليات باحثة عن مصادرها .

2 - تبحث عن بدائلها الإسلامية بكل واقعية وإيمان .

3 - تنزل بحوثها عمليا وبملخصات موجزة جهد المستطاع  .

4 - لا تشرح التحاليل إلا لضرورة توعوية أو عملية .

إنها المنهجية البديلة التي ننادي بها بكل عمق كمنهجية مستقبلية  في جهادنا العلمي / العرفاني .

وإلا فلا مناص لنا من آفات الثرثرات الفقهوية والثقافوية الشاردة ، ومن القبضة الصهيوماسونية علينا حتى كأفراد ، وبالتالي من كل سرطانات الصهاينة الحالية والقادمة ..

 ومن كل جنون العقل العالمي  ..

وكل هذا لعل تدافعنا الحضاري ينبثق من جديد ، وبكتابات حقا علمية ، وحقا عملية ..

فحياتنا وكل علومنا أمانات عملية ، وسنسأل عنها - غفرانك اللهم - يوم الحساب ، وعمليا :

( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ؟ وعن جسده فيما أبلاه ؟ وعن علمه ماذا عمل به ؟  وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه ؟ ).. رواه إبن حبان والترمدي.

فالعلوم العملية العلوم العملية - وإسلاميا - يا فقهاء ويا علماء ويا مفكرين ويا باحثين ويا أساتذة ، والعلوم العملية يا طلاب ويا سياسيين ..

 فبها ووحدها الخلاص .

وإلا فلا فكاك لنا :

1 - من إسلام الإمعة الذي نهى عنه الرسول صلوات الله عليه كل المسلمين بقوله :  ( لا تكونوا إمعة ، تقولون : إن أحسن الناس أحسننا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم : إن أحسن الناس أن تحسنوا ، وإن أساؤوا فلا تظلموا ) كما روى حديفة بن اليمان رضي الله عنه . وتوطين الأنفس لا يمكن أن يكون دون بناء عقل ، وتصفية قلب ، وتزكية روح وإصلاح مجتمعات ، ودون قضاء على الفقرين : المادي والمعنوي بصفة عامة .

2- من تسلط الرويبضة كعلامة من علامات آخر الزمان والقيامة كما قال رسول الله صلوات الله عليه : ( سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ) قيل : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ) كما روى أبو هريرة رضي الله عنه . 

وللأسف : إنها صفات معظم سياسيينا اليوم وطنيا وعالميا .

3 - من غرور العامة عكس ما نهى الله سبحانه وتعالى بقوله : ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) لقمان 33 .

4 - من تأليه المادة والإعجاب بالرأي والأنفس كعلامة من علامات آخر الزمان ، وعكس ما نصحنا به رسول الله صلوات الله عليه في قوله : ( إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فدع عنك أمر العامة ، وعليك بخاصة نفسك ) الحديث الذي حسنه الحافظ بن حجر رحمه الله . 

5 - من كل سموم زمن العلو اليهودي / العالمي الحالي ، ونحن نحيا - كما قدر الله تعالى - فترة علو بني إسرائيل ، وكما بقوله سبحانه وتعالى لهم : ( ولتعلن علوا كبيرا )  4 الإسراء .

لكن نحو بشرى قوله سبحانه وتعالى لنا : ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ) الإسراء 7 . 

ولهذا نحن متفائلين بهذا العلو اليهودي لأن كل الفتح الإسلامي معه وبعده ، وما نحن اليوم إلا في زمن سيطرتهم العابرة على فلسطين والمسجد الأقصى وفترة علوهم الباطل ، نحو تحريرهما وكل العالم ولله الحمد ..

 كوعد قرآني لنا ..

فالقضية إذن قضية علو يهودي عالمي عابر ، وفتح إسلامي قادم لا ريب ، وما القضية إلا قضية تدافع ..  

بل وما المسألة إلا مسألة وقت . 

لكنها أيضا مرحلة إفساد شامل إن لم نوطن العقول والقلوب والأرواح والأجسام والمجتمعات ، وكمسلمين أولا .

وإلا فسنكون أول مسؤول عن المسخ البشري القادم ، وعن بهيمية إنسان المستقبل كما يخططون ، ومن زمان .

وتماما كما تملي بروتوكولات حكماء/ سفهاء صهيون ، وكل ما تلاها وما سيتلوها من مؤامرات ، 

وتماما كما يعترف اليهودي أوسكار ليفي : ( نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه ، وجلاديه ) ..

فالقضية إذن لم تكن ولن تبقى فقط فلسطينية .

 والإسلام علميا وعمليا ، وكله ، وحده البديل . 

وبفقهياته وعلومه ومبادئه وعرفانياته وحدها كل مفاتيح الفتح .

     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بإسم الله السلام الحق المبين :

إن هذا الكتاب كتاب للخاصة ، لأنه يحتوي على حقائق علمية وروحية مستقبلية جد عميقة .  و منذ قرون وإشكالياته فتائل صراعات ت شتت الإنسانية ، ولا ...