كثيرون أولئك الذين يربطون الفتوحات الإسلامية بالحروب ، في الوقت الذي فتحت فيه معظم شعوب العالم أبوابها للمسلمين لأخلاقهم الأولى ولحضارتهم ، كما فتحت لهم اليوم أبوابها حتى وهم متخلفون عنها ، وكأيادي عاملة في بلدانها ..
لكن هؤلاء المهاجرين - ورغم قلة زادهم العلمي والمادي - فلقد إستطاعوا أن يحققوا فتحا عالميا لا يريد الغربيون أن ينتبه إليه العالم..
فطهارة حياتهم ، وإنضباط بعضهم التعبدي ، وتماسك أسرهم جعلت العديد من غير المسلمين يعجبون بهم وبكرمهم وبلطفهم عند الصداقة ، مما جعل البعض منهم يدرسون الإسلام ، بل ويدخلون الإسلام تباعا ..
ولحد حديثنا عن بداية فتح إسلامي للعالم ، إذ لم تعد تخلو دولة في العالم من مسلمين ..
ولحد كلامنا عن ظاهرة المسلمين الجدد ، والذين يتكلمون كل اللغاب ، ويحملون ثقافات شتى ، بل ولا يدخلون الإسلام تقليدا لآبائهم كما العديد من العرب ، بل عن قناعة ودراسة ، وبكل حضارة ..
مما جعل الكهنة والأحبار - اليهود والمسيحيين على الخصوص - ينتبهون لخطورة هاته الظاهرة على ديانتيهم ، وللحد الذي بدأوا فيه من سنين المضايقة على المسلمين بدعوى الإرهاب أو الإنفصال أو غيرهما ..
بل وللحد الذي صارت فيه بعض الدول تقدم إسلامها البديل كفرنسا مثلا التي أسست جمعيات إسلامية عميلة لها لتحريف الخطاب الإسلامي وللسيطرة على المساجد نحو التحكم في عقول المسلمين ..
ولكن ورغم كل هذا - ورغم الحجر المحجور الذي صار على العديد من العلماء والمفكرين الإسلاميين في الغرب وداخل بلداننا العربية والإسلامية - فهذا الفتح الإسلامي الذي بدأ سيستمر ، بل وسينصع أكثر لأن الحق الإسلامي نور مبين ، وكما قال المنجرة رحمه الله : لا تظنوا بأن المسلمين هم من ينشرون الإسلام بل الإسلام هو من ينشر نفسه بنفسه ..
وذلك لعلميته أولا - وفي كل المجالات - ولأخلاقه السامية ولتعارض كل ما سواه من ديانات مع العقل وكل الفطر السليمة ..
ولهذا بدأ ساسة الغرب يضيقون الخناق على أهل الفكر المسلم ، ثم على باقي المسلمين ، ولحد العنصرية العرقية ضدهم ، بل ولحد الحرب الإقتصادية وهم يمنعون شباب العرب والشباب المسلم من الوظائف ، ومن العيش الكريم ، وعكس ما كان عليه آباءهم ..
ولهذا فإننا نطرح مستقبل المهاجرين العرب والمسلمين كإشكالية مستقبلية كبرى يجب التفكير فيها - وخصوصا وقد بدأ الغرب يتأزم - وبدأ العديد من مهاجرينا يفكرون في العودة ، كما بدأ حتى الغربيون التفكير في الهجرة لبلداننا ..
ولهذا فلا بد من التفكير في حلول لهاته الظاهرة المستقبلية ، وخصوصا بالنسبة للدول التي لها جاليات كبيرة بالمهجر كما المغرب والجزائر وتركيا ومصر وغيرها ..
لكن - ومهما يكن - فلقد زرع هؤلاء المهاجرون كل بدور الفتح الإسلامي القادم ، فصارت هناك مساجد كبرى ومدارس ومراكز إسلامية بل وصار الإسلام واللغة العربية موادا أساسية في العديد من الدول ، كما صارت هناك حياة إسلامية تجول في كل الشوارع العالمية وتسكن جل مدن العالم ، ورغم كل هزائمنا السياسية كدول عربية وإسلامية ، وبالرغم من تخلفنا الإقتصادي والعلمي والحضاري .. وفي العديد من المجالات..
وللحد الذي برزت فيه أحزاب يمينية عنصرية تجاهر بعداوة العرب والمسلمين ، والتي يتزايد صداها ، لكنها موجة عابرة بحول الله تعالى ، لأن عقلاء الغرب يعرفون مدى تشابك مصالحهم مع هؤلاء المهاجرين ودولهم ، كما أن هناك العديد من المنظمات والأحزاب والهيئات والمؤسسات التي تناهض كل هذا الفكر العنصري اليميني أو غيره ..
بل وهاته الأحزاب اليمينية ستكشف أكثر فأكثر الوجه الآخر للغربيين ، كالعديد من ساسة الغرب الذين أصبحوا يبدون ريبتهم من المسلمين الجدد ، بل وبدأت حقيقة العداوة البابوية للإسلام تتضح ، وتماما كإفتضاح اليهودية من زمان ، وبكل تياراتهما ..
وللحد الذي صاروا يحاربون فيه العلم والمنطق والقيم والمبادئ جهارا ، وليست الإسلامية فحسب ، بل كل علم حق ، وكل خلق سام ، وكل مبدإ راسخ ، لأنها كلها لم تعد - كما في الماضي - في صالحهم ..
ولأن جل الدراسات العلمية النزيهة اليوم لا تزيد الإسلام إلا إنتشارا ، حتى صار القرآن اليوم يشرح بكل العلوم ، بل ويعتنق العديدون الإسلام لحديث نبوي فقط أو لآية واحدة ..
وبالتالي وكما قال المنجرة رحمه الله : الإسلام هو من ينشر نفسه بنفسه ..
وما علينا نحن إلا أن نومن بأن الإسلام دين العلم لا الخرافة كما يريد أن يفهمنا بعض المتصوفة ، ولا دين التقليد كما يريد أن يفهمنا بعض المتسلفين ، ولا دين العلمانية كما إنساق لذلك حتى من كانوا يظنون بأن أحزابهم إسلامية ويجاهرون بأنهم إسلاميين ..
فالإسلام دين المنطق والعلوم الحقة والقيم والمبادئ والأخلاق الربانية السامية ، وليست الأخلاق العالمية والإنسانية المزيفة ، والتي تدعو لها اليوم كل المنظمات العالمية كمبادئ ماسونية ، بل وكبنود لدساتير العالم ، وكقوانين براقة في ظواهرها ، مسمومة في كل البواطن ..
بل الأخلاق الإسلامية أخلاق قرآنية أولا ثم نبوية للحفاظ على فطرة الإنسان كاملة وغير منقوصة ، ولا مشوهة كما حالنا اليوم مع من يدعون للأخلاق العالمية المشتركة كأخلاق عالمية ، تقصي أول ما تقصي أخلاقنا بالله ومع الله سبحانه ، بل وأول ما تلغي التمسك بجواهر الدين وعلومه وفقهياته وقرآنه وسنته ، ومهما شجعت على مظاهر التدين .
ولهذا لا أقول فقط بأن الفتح الإسلامي قادم ، بل لقد إبتدأ من جديد ، ومنذ قرون علميا وحياتيا وعالميا . ورغم كل شتاتنا كأمة ، ورغم كل تخلفنا وكل هزائمنا كمسلمين ..
وسيثمر هذا - يقينا - تجديد العقل الإسلامي ، وربما من الغرب نفسه ، والذي نرجو أن يكون عقلا عمليا بناء ، ومتدافعا على كل الواجهات ، ومنتجا في كل المجالات ..
لأن قوة اليهود كذلك تتمثل في تفعيلهم لكل كتبهم بالرغم من بطلانها..
وفي الوقت الذي يقرأ ملايين المسلمين يوميا القرآن الكريم ، ولكن دون عزم حتى على تدبره ، فكيف على تفعيله ؟
ولهذا نجزم بأن كمال هذا الفتح العلمي لن يتم دون بناء عقل عملي .
وذاك يسيرما علمنا شبابنا ومنذ الطفولة التعلم للعمل لا للعلم فقط ، وببرامج إسلامية عملية بعيدة عن كل الثرثرات الفقهية والفكرية ، وربطناهم عقولا وقلوبا بتدبر القرآن الكريم والعمل بالسنة ، وبكل العلوم الحقة .
فذاك في إجتهادنا هو الفتح القادم الذي بدأ ، وسيستمر ولو بعلم الحلال والحرام وحده كفقه عملي ..
أما التسلط وحكم الدول فلم يعد مهما لهذا الفتح ، لأن أول ما رفع من الإسلام الحكم ..
ولهذا وما دام الحكم بما أنزل الله قد رفع ، ولن يعود إلا بالخلافة المهدوية الخاتمة ، فإن الإسلام السياسي كله قد صار ثانويا ، بل ولقد كان الإسلاميون واهمون وهم يسعون للحاكمية دون هاته الأبعاد..
ولهذا لن يهمنا من يحكمنا مستقبلا ، أو بماذا سيحكمنا ، ما دام الحكم بشريعة الله تعالى قد رفع ، بقدر ما يهمنا الإنسان المسلم ، ثم كل إنسان :
مما يجعلنا ننادي ببرامج تعليمية عملية ، وبتربية حقا إسلامية - لأطفالنا - لأنهم كل مستقبلنا ..
فمن الطفولة يبدأ البناء.
الأمر الذي لن يتم إلا بتدافعنا لإنقاد الإنسانية كلها من الأخلاق العالمية الزائفة، والتي رسختها الماسونية وتدعو لها كأخلاق إنسانية عامة ..
بل وستدعو لها كذلك بإسم الإ براهيمية الجديدة ، وبإسم الأخوة والسلام والتنمية ، والتي بإسمها يريدون مسخنا ، وكل الناس .
ومن هذا الوعي إرتأينا وجوب التدافع الشامل ، ولأجل الناس أجمعين .. : ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض. البقرة 251
فكانت مدرستنا العرفانية للسلام الإسلامي ، ومعهدها القرآني للتصوف السني ..
لنتدافع نحو هذا الفتح العلمي الإسلامي ، وبكل العلوم الحقة .. ،
وحتى يعلم الناس بحق من هم ، وليفقهوا كرامتهم الربانية كما قال تعالى : ولقد كرمنا بني آدم . الإسراء 70
وليعلموا بأن كل ما سوى الإسلام :
لا يقدم إلا صورة مشوهة وناقصة عنهم ، بل ويحتقرهم كأناس وكمخلوقات مكرمة وكسلالة أنبياء عليهم السلام .
ولهذا كانت أيضا مدونتنا نحو حركية إنسانية على : kotoub6.blogspot.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق